أول
من استخدم هذا المنهج في تفسير القرآن هو الله تعالى من خلال رد متشابه إلى
محكمه وعامه إلى خاصه ومطلقه إلى مقيده؛
لأنه الأعلم بكتابه ( وما يعلم تأويله إلا الله) ( وكذلك يبين الله آياته للناس)
( ثم إن علينا بيانه)
أهمية هذا المنهج
1. إن المفسر إذا
كان نفس المتكلم فإننا نطمئن بصحة هذا التفسير،
ففي هذا المنهج الله هو المتكلم وهو الذي يوضح كلامه.
2. لا يمكن
التفسير الموضوعي أو الترتيبي بدون الإستفادة من تفسير القرآن بالقرآن.
3. أن هذا المنهج
محل رضا جميع المفسرين بل أدعى بعضهم أنه
أفضل المناهج، وما اتفاقوا عليه يكون أهم
مما أختلفوا فيه.
تعريف هذا المنهج
توضيح
آيات القرآن بواسطة الآيات الأخرى .
بمعنى:
أن الآيات غير الواضحة يكون المصدر لتفسيرها هو القرآن نفسه، فيكشف عن مراد الله
منها. فما أُبهم في موضع بُين في موضع آخر وما اختصر في مكان فقد بُسط في مكان آخر.
ومنه
تفسير كلمة ( رب العالمين) في قوله ( الحمد الله رب العالمين) بقوله تعالى: ( قال
فرعون وما رب العالمين * قال رب السموات و الأرض وما بينهما )
تاريخ هذا المنهج
تعتبر
طريقة تفسير القرآن بالقرآن من أقدم الطرق في تفسير كتاب الله تعالى ، وقد استخدمه
الرسول و أهل بيته صلوات الله عليهم وتبعهم الصحابة والتابعين
(1) الإمام
علي عليه السلام يفسير القران بالقران
روي
أن عمر بن الخطاب أمر برجم امرأة لأنها ولدت بعد ستة أشهر من زواجها فظن أنها كانت
حامل من غير زوجها قبل الزواج - لما هو مرتكز عند العرف من أن مدة الحمل تسعة أشهر
- فرفع أمر هذه المرأة إلى الإمام علي عليه السلام فنهاهم عن رجمها و قال: أن أقل
مدة تحمل المرأة من زوجها ستة أشهر وقد مضى على زواجهما من بعض هذه المدة، فأنكروا
ذلك فقال عليه السلام: هو في كتاب الله تعالى (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) وهو مدة
الحمل و الرضاع جميعا- و الفصال هو التفريق بين الصبي و الرضاعة بالفطام - فإذا
كان مدة الرضاعة أربعة و عشرين شهرا كما أقره الله تعالى ( و الوالدات يرضعن
أولادهن حولين كاملين) فتكون مدة أقل الحمل ستة أشهر .
و رياضيا
يكوت الجواب كالتالي:
المطلوب
إيجاد (س) وهي اقل مدة الحمل:
(
س + 24 = 30) فإذا كانت ( س= 24-30 ) فتكون قيمة (س= 6) وهو أقل مدة الحمل .
(2) ابن عباس رضوان الله عليه يفسير القران بالقران
(2) ابن عباس رضوان الله عليه يفسير القران بالقران
فسر
ابن عباس قوله ( أولم ير الذين كفروا أن السموات و الأرض كانتا رتقا ففتقنهما و
جعلنا من الماء كل شيء حي ) قال: كانت السماء رتقا؛ لا تمطر، ففتقناها بالمطر. وكانت
الأرض رتقا؛ لا تنبت، ففتقنها بالنبات؛ قال تعالى ( و السماء ذات الرجع * و الأرض
ذات الصدع ) .
و الرتق
هو كون الشيئين الملتزقين الذين كالواحد. و الفتق: انفصالهما. و الرجع هو المطر؛
لأنه بخار الماء يرتفع من الأرض إلى السماء ثم يعود و يرجع إلى الأرض. و الصدع: هو
النبات الذي يشق الأرض و تنصدع به .
في
القرآن الخامس والسادس نشطت الحركة التفسيرية خصوصا منهج تفسير القرآن بالقرآن
فظهرت التفاسير الجامعة مثل تفسير التبيان للشيخ الطوسي و مجمع البيان للطبرسي.
وقد
استفاد العلّامة المجلسيّ في كتابه بحار الأنوار من هذا المنهج فأخذ الآيات الّتي تتعلّق بموضوع معيّن في بداية كلّ
فصل .
وقد
حظي هذا المنهج باهتمام واسع خاصّةً عند المفسِّرين في القرن الأخير، كما يتّضح
ذلك في تفسير الميزان للعلّامة الطباطبائي، وآلاء الرحمن للشيخ البلاغي .
أدلة جواز هذا المنهج
الدليل الأول: القرآن الكريم
وصف
القرآن نفسه بعدة أوصاف منها:
1. قال
تعالى : { نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً
لِكُلِّ شَيْءٍ} وتقريب الاستدلال بهذه الآية من وجهين:
(أ) مقتضى
كونه بيانا لكل شيء أن يكون تبيانا لنفسه أيضا.
(ب) إذا
كان تبيانا لكل شيء فأنه (كل شيء) يشمل القرآن لأنه شيء
2. قال
تعالى : { وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً } كيف يكون القرآن : نورا مبينا
للناس ، ولا يكون مبينا لنفسه؛ فمقتضى كونه مبين لغيره أن يكون مبين لنفسه.ومقتضى
كونه نور أن يكون منيرا لذاته كالمصباح.
الدليل الثاني: الروايات
1. السنة
العملية حيث استخدم النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين هذه المنهج في تفسير
الآيات.
لما نزلت قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ
إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ) قال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: أينا لا يظلم نفسه؟
- حيث فهموا الظلم بمعناه العام فأرشدهم الرسول و أوضح لهم أن الظلم له معنى خاص
بينه الله تعالى في كتابه فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: ليس هو كما تظنون، إنما
هو كما قال لقمان لابنه: (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ
عَظِيمٌ).
2. السنة
القولية:
توجد جملة من الروايات يستدل بها على صحة هذا
النهج:
( أ ) قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصف
القرآن: ( ذلك القرآن فاستنطقوه) أي أطلبوه أن ينطق فيوضح ما أشكل عليكم؛ و هذا
يعني أن اللغة التي سينطق بها لغة مفهومه وإلا ما الفائدة من استنطاق ما لا يفهم،
وما يحتاج إلى توضيح يتكفل القرآن بتوضيحه. قال عليه السلام في وصف القرآن ( وينطق
بعضه ببعض ) و لا يكون كذلك إلا بوجود ترابط واتصال بين آياته، و النطق هو عبارة
عن التفسير و التوضيح .
(ب) قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصف القرآن: (ليُصدق
بعضه ببعضا ) مقتضى ذلك عدم الاختلاف و
التناقض بين آياته لأن التعارض بينها ناتج من الاضطراب في صدق بعضها مع بعض .
ومقتضى
دلالة الصدق بين الآيات هو وجود الترابط القوي بينها؛ فما أٌبهم علينا من الايات
يمكن الرجوع إلى بُين ووضح في غيرها
الدليل الثالث: بناء العقلاء
من
أجل فهم أي كتاب لابد من مراعاة القرائن الموجودة فيه ولابد من النظر إلى الكلام
بصورة كلية وهذه طريقة العقلاء في فهم أي كتاب، والقرآن غير مستثنى من هذا
الطريقة؛ كما ان المشرع المقدس لم يمنعها بل قام بتأييدها.
أهم أساسيات هذا المنهج
1-
وجود الترابط بين الآيات وهو ما يعرف بوحدة السياق، فآية التطهير (إِنَّمَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)
ليس لها ربط بما قبلها ولا بما بعدها لأن الحديث فيهما عن نساء النبي صلى الله
عليه و آله و الضمير في آية التطهير مذكر فينفك الأرتباط بينهما و لا يصح أن تكون
آية التفسير مرتبطة بما بعدها و قبلها من هذه الجهة
2-
أن لا يؤدي الترابط إلى التعارض و التكذيب للقرآن الكريم .
مكانة الروايات في هذا المنهج
عندما
نلجأ في فهم الآية القرآنية إلى آية أخرى ونكتفي بها دون الرجوع إلى روايات أهل البيت
عليهم السلام؛ فإن هذا منهج مخالف لحديث الثقلين الذي يأمر بالتمسك بكليهما و عدم
الاكتفاء بأحدهما، بل تمسكنا بالكتاب فقط و أعراضنا عن الثقل الأصغر يوقعنا في
التفسير بالرأي .
الجواب
على هذا الأشكال:
رغم
أن القرآن واضح و يستغني عن الغير في بيانه إلا أن حاجاتنا للروايات لا مفر منها
فنحن في حاجة إليها كي:
(
أ ) نوضح بعض الآيات التي لا امكانية لدينا على فهمها .
(ب)
تعتير الروايات شارحة للآيات التي تحتاج إلى ذلك كآيات الأحكام و القصص القرآنية
(ج)
تقوم الروايات بتفصيل المعارف المبهمة
فلا
يمكن الاستغناء عن الروايات و إلا عد الأمر القرآني بالرجوع إليها في بيانه أمرا
لغويا وطلبا عبثيا .
راجع: دروس
في المناهج و الاتجاهات التفسيرية للقرآن ( من ص 41 إلى ص 54 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق