تعريف
التفسير بالرأي
هو:
أن يعمد شخص إلى آية قرآنية، محاولا تطبيقها على ما قصده من رأي أو عقيدة أو مسلك،
تبريراً لما اختاره في هذا السبيل، أو تمويهاً على العامّة. بحيث يجعل القرآن
وسيلة لإنجاح مقصوده بالذّات.
توضيح:
يقدم
المفسر على تفسير الآية بما يتلاءم وعقيدته. وبعبارة أخرى: أن العقائد المسبقة
الموجودة في ذهن المفسر تكون سببا لتفسير للآية
لمطابقتها لاعتقاداته، فبدل أن يجعل القرآن هادياً ودليلاً له يقوم بتطبيقه
على عقيدته. إذ لولا العقيدة المسبقة المتواجدة في ذهنه لما استطاع تفسير الآية
بهذا التفسير .
وتلاحظ
نماذج كثيرة من هذا التفسير في كتب بعض الطوائف والمذاهب الخاصة نحو
"المعتزلة" و"الأشاعرة" و"الصوفية" و"الباطنية"
، وكتاب "الكشاف" للزمخشري مثال بارز لتفسير القرآن على أساس مذهب
الاعتزال؛ كما أن كتاب "مفاتيح الغيب" للفخر الرازي نموذج صارخ للتفسير
على وفق المذهب الأشعري. فكل واحد من هذين المفسرين بذل جهوداً كبيرة لإثبات
عقائده السابقة في ضوء الآيات القرآنية.
نماذج
1- ذهب
البعض في تفسير قوله تعالى: (اِذْهَبْ إلى فِرْعَونَ اِنَّهُ طَغى) إلى أن المراد
من فرعون فيها نفس الإنسان المعتدي، فيقول: الآية تتعلق بإصلاح النفس وتهذيبها
وتنقية الروح لا مقارعة فرعون خاص!
2- ومن
نماذج التفسير بالرأي الأخذ بالمعنى الظاهري للآية مع مخالفته الأدلة القطعية أو
الآيات الأخرى الواردة في هذا المجال؛ نحو غضّ الطرف عن الأدلة العلمية والآيات
القرآنية الدالة على نفي الجسمية عن الله تبارك وتعالى بصورة واضحة والاستدلال
ببعض ظواهر الآيات التي هي من باب المجاز والكناية على أن له جسماً والعياذ بالله،
فيقال مثلاً يدل قوله تعالى: ?يَدُ اللهِ فَوقَ أيديهم? على أن له يداً! بينما
لايراد من اليد هنا اليد المتعارفة قطعاً، وإنما المراد بها الكناية عن القدرة
والسلطة.
3- المقصود
بالثعبان في قصة موسى - عليه السلام – هو ثعبان النفس لأنه أضاف العصا إلى النفس
في قوله ( هي عصاي) وذا قال تعالى ( إلقها يا موسى) يعني ألقِ عصا نفسك
الجذور
التاريخية للتفسير بالرأي
من
مجموع الأحاديث يتّضح أنّ بداية هذا المنهج كانت في زمن الرسول صلى الله عليه وآله
وسلم ، واستمرّ في زمن الأئمّة عليهم السلام وما بعدهم ،
وفي
أواخر القرن الثالث عشر الهجري ازدهرت الأفكار المادية ، و تبلور نوع خاص من
التفسير بالرأي على اساس تفسير الآيات المتصلة بعالم الغيب والميتافيزيقيا كالروح
والملائكة؛ من أجل جلب أنظار العلماء الماديين ، إلى درجة أن بعض هؤلاء فسر (
الملائكة) أنهم القوى الكامنة في زوايا
الطبيعة.
وفي
المجال الأخلاقي عمد بعض علماء الأخلاق إلى صبّ جلّ اهتمامهم بالمسائل الأخلاقية
وتزكية النفس، وآل بهم المطاف إلى تفسير بعض الآيات تفسيراً بالرأي، حتى فسروا
الشيطان بالنفس الأمارة بالسوء وأنكروا وجود شيء مستقل باسم "الشيطان"!
معايير
التفسير بالرأي
1- عدم
الإلتفات إلى القرائن العقلية و النقلية .
2- تحميل
الآراء الشخصية و المذهبية على القرآن .
3- تفسير
القرآن من قبل غير المختصين .
التفسير
بالرأي يؤدي إلى التناقض
التفسير
بالرأي يؤدّي إلى ظهور التنافي بين الآيات القرآنية و يصرفها عن ظاهرها، كما
يتأوّل المجبّرة آيات الاختيار، والمفوّضة آيات القدر، وغالب المذاهب في الإسلام
لا يخلو عن التأوّل في الآيات القرآنية وهي الآيات الّتي لا يوافق ظاهرها مذهبهم،
فيتشبّثون في ذلك بذيل التأويل استناداً إلى القرينة العقلية وهو قولهم إنّ الظاهر
الفلاني قد ثبت خلافه عند العقل فيجب صرف الكلام عنه.
وهذا
يؤدي إلى شيوع الفوضى في فهم معاني القرآن لعدم وجود معايير و ضوابط واحدة متفق
عليها .
كيف
نأمن من الوقوع في التفسير بالرأي
1. الالتفات
إلى القرائن العقلية والنقلية
2. الموافقة
لظاهر الآيات وعدم تحميل الاية ما لا تتحمله
3. أن
يكون التفسير عن طريق المتخصص
الفرق
بين التفسير بالرأي و الإجتهاد
1. المنع
من الاجتهاد يؤدّي إلى تعطيل الكثير من الأحكام، فلا بدّ للمجتهد من استنباط
الأحكام من القرآن .
2. ليس
المراد بالتفسير بالرأي النهي عن الاجتهاد المطلق في تفسير القرآن بل بأن يستقلّ
المفسّر في تفسير القرآن بما عنده من الأسباب في فهم الكلام العربي، فيقيس كلامه
تعالى بكلام الناسذ.
3. ما
ورد في هذه الآيات هو الترغيب والحثّ على التدبّر في فهم القرآن، وأنّه لا يجوز
الاجتهاد والاستنباط من الآيات إلّا بعد مراجعة القرائن العقلية والنقلية والتدبّر
فيها. أمّا بالنسبة إلى المفسّر بالرأي فإنّه يعلن رأيه الشخصي قبل الرجوع إلى هذه
القرائن ويقوم بتحميل نظره الشخصي على الآيات، فالمنع من التفسير بالرأي لا يعني
عدم جواز التدبّر والتفكّر في آيات القرآن.
الفرق
بين التفسير بالرأي و التفسير العقلي
التفسير
بالعقل هو الاستمداد من القرائن الواضحة و المقبولة لدى جميع العقلاء لفهم القرآن،
فالعقل لا يقبل تفسير (السميع) في وصفه تعالى على أساس السمع المادي بل المقصود
العلم الواسع المطلق و أي العالم بجميع الأصوات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق